السبت، 26 مايو 2018

خلف القضبان ... الشاعر مهدي رستم ...

خلف القضبان....
....
حاولتُ مرارًا وتكرارًا
أن لا أتبع خطواتي المبعثرة
على أرصفة الطريق
كنت أحدث نفسي وآخذ وجهي قليلاً
إلى اليمين وإلى اليسار
كنت أرنو ببياض الأعين
وسواد الأعين ناسيًا كل شيء حولي
كنت كل يوم أمر من جانب القفص الخشبي
قفص يحتوي على حنجرة عذبة
ولون شفاف وقلب صغير يرتعش ..
طائرٌ يغرد من شدة آلمه وضجره
يتنقل في حُجرة صغيرة لا تتسع ل زَلة قدم
وربما لِموضع حجر أساس صغير....
ورجلاً يتراقص ببسمة ساخرة
وينظر إليه ويرميه بحفنة من الطعام
وكبريائه لا يسمح له بالفرار خارج القفص ..
لأنه يعلم بأنه سيقتل لا محال....
 بدأت هذه الأقفاص تتكاثر
قفص جديد بطائر غريب
 وخلف قضبانها صِغارَ الطيور
وكل يوم كان يزداد وجعي لشدة هذا المنظر
كان يحزنني أن أرَ أم الطير تغرد لأبنها المحجوز خلف القضبان
كانت المسافة بينهما قصيرة جدًا أربعة أقدام وقفصين وبعض من الطيور ...
أتمنى أحيانا لو أنني رجل بلا ظل...
 أمشي فلا يتبعه أحد..
وألتفت فلا أجد من يراقبني من بعيد..
أتمنى حقا أن لا يُوشوش حِذائي الطريق..
أمشي خلسة وأدخل من شق الباب
كنوّر الصباح الباكر وأطمئن عليهم
وأدعهم يحلقون فوق رأسي
ويبنون أعشاشهم فوق رأسي....
ساورتني الظنون والشكوك
عندما إلتفتت ولم أرَ أحدًا غيري
وسط كل هذا الإزدحام
قررت أن أكسر الأطواق وأبعد القضبان عن بعضها وأفصح لهم المجال بالتحليق
بعيداً عن المدينة وصخب المدينة
حضنتهم وهربت بهم بعيدًا..
كنت أتمنى أن لا أسقط سهوة
في حفرة أو تخونني قدماي وتتعثر
توغلتُ جيدًا بين الأشجار
وارتميت على الأرض مثل سقوط ورقة خطراء من غصن شجرة هش
وهي تعلم أن ملاذها الأول والأخير هو الأرض
عانقتهم بحرارة وتوسلت إليهم بأن لا يغادرو أعشاشهم وأن الرياح مهما إشتدت وعصفت
بهم بأن لا يتفرقو عن بعض
 كونوا كأسراب النمل
كالطيور المهاجرة بإصطفافها
كأنبثاق الفجر عن الصباح.....
رحلوا وعانقوا السماء ...
وعدت وحيدًا وأسيرًا...................
#مهدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق