الاثنين، 2 أغسطس 2021

جدار الصمت......محمد مهداوى

………….جدار الصمت……..

التجأ جدار الصمت إلى مملكة الخراب، وانزوى في ركن من أركانها، متمتعا بالهدوء والسكينة الذي ينتاب المكان، اعتزل السياسة ومارس فلسفته الوجودية، بحثا عن ذاته العميقة، 
مارس صلواته الصوفية بأمانة وطمأنينة، وانصرف عن ملذات الحياة، معتقدا أنه بمنأى عن كل زلزال أو حركة تكتونية…

تمتع جدار الصمت  بسكناته الميتافيزيقية لسنوات، واستمتع بهدوء الليل وعظمة الكون وجمال الأنوار الالهية،مدة غير يسيرة، أحبه الناس وأحبته الطبيعة، كرمز من رموز الطمأنينة والسكينة والوفاء...لكن في يوم أسود كيوم وول ستريت،سمع الجدار  قرقرة آلات ضخمة، تلاها ضجيج قوي لمجموعة من الدواب تئن أنينا، وتبكي بحرقة عن فقد أوكارها، اشرأب جدار الصمت برأسه خارجا، فبدت له الطيور المغردة حزينة ،تقدم مراسيم العزاء للطبيعة الثكلى .حاول حائط الصمت فتح فمه للإعلان عن سخطه وغضبه العارم،دفاعا عن أقرانه من بني جلدته، الذين كانوا يحملون رسائل الحمائم في يد وأغصان الزيتون في اليد الأخرى…

لكن الجرافة العملاقة لم تترك له الفرصة للإعراب  عن فلسفته الميتافيزيقية، حاول مجاراة الآلة الحقودة وردها عن فعلتها الشنيعة،إلا أن أنيابها الحادة كانت  قوية وشرسة .التهمته التهاما، وتركته ركاما  تحت أقدامها الفولاذية .

بكى الناس بحرارة  لفقد جدار الصمت،ومنذ تلك اللحظة، أحس الجميع  أن لغة الصمت لم يعد لها مكان في هذا العالم الغريب، عالم يؤمن بأن البقاء للأقوى والتواجد القسري لمن يتقن لغة الحركة والصخب…

                      بقلم محمد مهداوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق