الأربعاء، 3 فبراير 2021

دوائر....................عمر الجعلى

دوائر
تظهر عليه الغبرة ، أشعث ، على ملامحه تبدو القترة ، أطلق العنان للحيته ، تتقافز نظراته هناك و هناك ، أقدامه حافية و بها شقوقا كأنها أرض خصبة ، له عدة سنوات يدور حول نفسه و حول المكان ذاته أنه يعشق الدوائر ، من بعيد رأي( دوار) للسيارات كأنما لأول مرة يراه أبتهج لا عجب أنه مراده ، غذ السير نحوه  لكن السيارات بأصرار حالت و مراده ، فتاة جميلة تريد اجتياز الطريق الكل توقف لها مع أصدار الأبواق أصواتا جزلى ، أراد استغلال الموقف خانته ثقل أقدامه فسبقته الفتاة ، و عندما حاول كان نصيبه الكثير من اللعنات و أبواق غاضبة ، بعد جهد وصل الدوار ، وجد به مجسم لكرة يشي بأن هناك بطولة أقليمية أقيمت هنا ، كأنما حقنه هذا المجسم بالفرح( أنه يعشق الدوائر) أخذ يرقص فرحا و يطرق على قطعة حديد مصدرا أصواتا حادة لفتت أنتباه الجميع ، توقفت السيارات ، نزلوا السائقين ، تجمعوا المارة ، شكلوا دائرة أخذت في الاتساع ، و هو يزداد حماسا بهذا الأهتمام فيزداد رقصه الهيستري ، انسلت طفلة من والدها و ركضت نحوه ، مدت له يدها ليرفعها بجانبه ، تجمد لثوان ثم فجأة أخرج سكينه و وضعه على رقبتها ، توقفت الأنفاس ، بلغت القلوب الحناجر ، أراد والدها بهسترية أنقاذها لكن تم منعه من الناس خوفا من ردة فعله ، مرر السكين على رقبة الطفلة صائحا بهياج : هكذا قتلت طفلتي الوحيدة ... 
ثم فجأة أبتسم ، و لوح السكين بعيدا ، و مد يده ليرفعها بجانبه ، ثم أخذ في الرقص و شاركته الطفلة ، فازداد حماسا و انفجرت ضحكاتها ليشتعل المكان بالفرح ، تنفسوا الصعداء ، سرت فيهم عدوى الرقص أخذ الجميع يتمايل فرحا و حبورا ، لمعت العيون و أيضا الجوالات ، أنتشر المقطع ، أصبح الدوار مزارا  و هو فرح بهذا الأهتمام ، لكن نظره كان يجول هنا و هناك باحثا عنها بلهفة
 قائلا بحزن عميق:
أين هي؟ ..
المسكين لا يدري أنها غابت للأبد .

عمر الجعلى/سودان

هناك تعليقان (2):

  1. شكرا جميلا
    أتشرف بهذا النشر في هذا المنتدى العطر

    ردحذف
  2. شكرا جميلا
    أتشرف بهذا النشر في هذا المنتدى العطر

    ردحذف