(بَكَفَّيَّ حَظُّ المُعسِرين) ـ (محمد رشاد محمود)
عام 1997 هاجَتْ طاقة الذِّهن على احتمال البَخس ، وأنشَبَ النُّكرانُ ضِرامَه - معَ جحود السَّعَة - في هشيم التَّصَبُّر ، فكانت أنَّاتٌ مُطَوَّلَةٌ تمثَّلَت في هذه الأبيات :
أرَى كُـــــلَّ ذي رُوعٍ قريــــرًا وخــافِــقي
دَءوبٌ كــطامٍي الــمَـوجِ يُـرغـي ويُـزبِـــدُ
حَـبيـــــبٌ إلــى نَفســــي المَـمـــاتُ لأنَّني
بَغيــــضٌ إلَــيَّ الـصَّحـوُ والجَــــدُّ هــاجِـدُ
ومــا أنْكَــــرَ القَلـــبُ الحَيَــــاةَ زَهَـــــادَةً
وَلَكِـــنَّ وَقـعَ النُّكْـــــرِ كَالـنُّكْــــرِ جَاحِـــدُ
إذا لَــمْ تَكُــــنْ إلَّا الــغَـضاضَـةُ مَوطِنًــــا
فَبِئْسَــــتْ حَيَـــاةُ الــمَرءِ والعَيْــشُ زائِــدُ
بِكَــــفَّيَّ حَــــظُّ الــمُـعسِــرِينَ وهَـــامَتِـي
فُوَيــقَ مَجـــالِ السُّـــحْبِ والـقزمُ راغِــدُ
إذا شـــــامَ دَركـِـي الفَـــدمُ أفـنًــا وغِــرَّةً
تَوَلَّــيتُ سَــــبقَ السَّــبْقِ والطَّبــعُ رَائِـــدُ
ورَوْدِي لــهَــــــا رَودي الحيَـــــاةَ نَدِيَّـــةً
يُرَقْرِقُـهَــــا شَــــدوٌ وغَيـْـــداءُ نَاهِـــــــدُ
إذا كـانَ جُــلُّ العَيْــشِ جَهْــــدًا وفَــاقَةً
فإنَّ مَـــرامَ المَـــرءِ لــلــــرَّوْحِ راشِــــدُ
وإنِّـي إذا جـَــــارَ الشَّـــــقاءُ مُــصَفِّــــقٌ
جَنــاحًـــا وإِن يَــــذكُ الــرَّخَـــاءُ مُغَـرِّدُ
تَـــرَصَّــدَني راحٌ مِنَ الفِكْـــــــرِ رَاجِـحٌ
وأَخْلَــفَني بَــــذلٌ مِـنَ التِّبْــــرِ جاهِـــــدُ
يُعَيِّــــرُني آلي الكَــفَـافَ أمَـــــا كَـــــفَى
مِنَ الــوَفرِ إخلاصٌ ونُبــْــــلٌ وســاعِــدُ
لَألْزَمَنيـــهِ الكَـــدْحُ في مَطلَـــبِ الحِجَـا
وهَـــــــانَ مَراحُ الــرَّغْدِ والذِّهْــنُ خَامِدُ
تَناءَتْ حُظوظُ النَّــاسِ في الفَـقْرِ والغِنَى
وفَـــازَ رَحيـــبُ النَّــفْسِ واليُـسْرُ شَـارِدُ
إذا كَــــانَ حَـــظُّ الـغِرِّ في تالِـــد الغِنَـى
فَــذو العَقْلِ غِـبَّ الحُوجِ بِـالفَـوْزِعَائِــــدُ
وقَدْ بَـــــاءَ ذَا بِاليُسْــرِ والذِّكْـرُ خَامِــــدٌ
وقَدْ آبَ ذا بِالمَجْــدِ والعُسْــــرُ وَاكِــــــدُ
ولَــو كَانَ حَـوْزُ الفَضْلِ بِالرَّغْدِ لَارْتَقَى
ذُرَى المَجْـدِ رَبَّـــاتُ الـدُّفوفِ الفَـوَاسِـدُ
ونَحْنُ الأُلَى هَامَتْ علَى الهُــونِ رُوحُنَا
وطابَــتْ لَنَــــا عِنْــدَ الوُرودِ المَـــوَارِدُ
شَبَبْنَـــا عَلَى طِيـــبِ الطِّـلابِ وصَفْـوِهِ
وشِبْــنا حِيَــالَ المَجْـدِ والقَصْدُ وَاحِــــدُ
لَنَـــا فـي رِحابِ الكَـــوْنِ راحٌ وصُحبَـةٌ
وسَـرحٌ بعيــــدٌ طـارِفُ الــوَحْيِ تَالِــــدُ
وَزادٌ إذا شَـــــحَّ المَــــــزَادُ ومَنْهَــــــلٌ
دَفُـوقٌ عَميــقُ الغَـــوْرِ لِـلظَّمْــإ بَــــارِدُ
إذا ارفَضَّ بِكْــرُ الطَّلِّ أَو هَـبَّـتِ الصَّبـا
أَوِ اهْــتَزَّ غُصنٌ أو عَلا الــدَّوْحَ غَـارِدُ
وبَثَّتْ مَـدَى المَرجِ الطُّيُـوبَ وخَالَسَــتْ
اَزاهِـــرُ حِضْنَ الـلَّيـلِ والضَّوْءُ رَاصِدُ
وَآلَــتْ إلـى الأُفْـــقِ الرَّحِيـبِ نُجومُــهُ
ورَأْرَأَ طَــرْفُ الـفَجْـرِ والكَـوْنُ رَاقِـــدُ
تَقَضَّى زَمانُ الـفَضْلِ يا نَفْـسُ وازْدَرَتْ
زَعَانِفُ قُـدْسَ السَّــمْعِ هُـــوجٌ رَوَاعِــدُ
وَشَـالَتْ لَــدَى كَــفِّ السَّـفِـيهِ رَجَــاحَـةٌ
ومَالَـتْ إلى الرُّجْحَـانِ بُــورٌ كَــوَاسِـــدُ
فَصَبــْــرًا علـى جَهـْـــــدِ الـبَـــلاءِ فَإنَّـهُ
عَسِيــــرٌ لَدَى العُسْــرِ البَلاءُ المُجَالِـــدُ
هُـــوَ الدَّهْــــرُ لا يُسْــرٌ لَدَيــْـهِ مُؤَمُّــلٌ
دَوَامًـــا وَلا عُسْـرٌ مَـدَى العُمْـرِ آبِـــــدُ
(محمد رشاد محمود)
.............................................................................................................................................
الرُّوع (بالضَّم) : القَلبُ والذِّهنُ والعَقل . الهاجِد : النَّائِم .
الفَدْم : العَييُّ عن الكلام والغَليظُ الأحمَقُ الجافِي . الرَّوْد : الطَّلَب .
الفاقَةُ : الفَقْر والحاجَة
الوَفْر : الغِنَى . الحِجَا : العَقلُ والفِطنَة .
االغِبُّ (بالكسر) : عاقِبَةُ الشَّيءِ كالمَغَبَّة .
الحُوج (بالضَّم) : الفَقْرُ والحاجَة .
وَاكِد : مُقيم .
الهُونِ (بالضَّمِّ) : الذُّلُّ ، كالهَوَان والمَهَانَة .
الظَّمْأ (بتَسكين الميم) : كالظَّمَأ (بفَتحِها) العَطَشُ أو أشَدُّهُ .
الطَّرْفُ : العَيْن . ورَأرَاَ : حرَّكَ حدَقَةَ العَين أو قَلَبَها وحَدَّدَ النَّظَرَ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق