السبت، 18 سبتمبر 2021

صبرا.......محمد الأخرس

في الذكرى المريرة 
*****   

صبرا…

صبرا تنادي من تنادي يا لها؟!
هرعت تلملم دمعها وجراحها
وتعود تحصي لحمها
أحياءها، شهداءها،
صبرا وتفجعها المسائل والحساب،
فلا تُنيمُ ولا تَنام
***
صبرا تولولُ،
كيف غبتم والظّلام هو الظّلام؟!
والغدر اقعي قرب أطراف القرار
وخلف أشرعة الخروج مع انطفاءات النّهار،
آهٍ وتصرخ:
 كيف غابوا في متاهات المدار؟!

***
صبرا تواري حزنها،
وتعود تذكر حلمها،
وتعود تسأل خلسة في سرّها،
من من سينثر حفنة من حزنها؟!
أو من سيكشف ذات فجر ما جرى؟!
وتعود تسأل نفسها،
اليوم غابوا كيف غابوا
والذئاب تجمهرت وتمترست خلف الضّباب،
ما بين أرتال الرّكام؟
أو كيف غابوا والظّلام على المفارق والمفاوز والظّلال
أقعى تربّص قرب أطراف الحوار؟!
خلف الجواب  عن السؤّال
والبحر أسدل موجه خلف المراكب
ما تململ أو تحفز للقتال!
كانوا هنا مثل الجبال
صنعوا هنا, صبرا تقولُ
وتنتشي: صنعوا المحال
آهٍ وتمعن في السّؤال؟!

***
صبرا تذكّر في أسى
تبكي، تراجع صبرها،
قد طال حقّا ليلها
وتلاحقت رمياتهم في خصرها
من  من سيوقف نزفها؟!
بل من يضمّد ليلها وجراحها؟!
صبرا تنادي من تنادي؟!
من؟..شاتيلا غاصت في الدّماء
وفي العذاب، 
شاتيلا يشتدّ الظّلام
صبرا تنادي ضاع في الأفق النّداء
صبرا تناجي: من سيُذهِبُ وحشة
غطّت مساحات الفضاء
من قد يواري ما تراكمَ من خراب؟!
آهٍ ويوقد للطّفولة شمعةً،
أو وردة من ذكريات أو بواح ؟

***
أوّاه من نار المجازر، وانتكاسات الحواسّ!!
ليل وينقشع الضّباب،
وإذا الخراب هو الخراب،
وإذا الضّحايا ساكنات
لا تُجيب ولا تجاب!
حدقاتها ملآى بأمواج العتاب
غاب الأمان مع المراكب، خلف هالات
السّحاب،
وما أطلّ هنا النهار،
ولا المخيمّ قد أفاق،
 سوى على صوت الضّباع،
وتقول صبرا في احتداد قرب أنّات الحراب
من يدفن الأشلاء واقلباه؟!
من من يغنّي للوداع؟!
مَن مَن يُوَدَّع بعد ما غاب
الأحبّة والرّفاق؟!
غابوا وما غاب الردّى،
غابوا وما غاب الكلاب
صبرا اسمعينا
هل سمعت بكفر قاسم، قبية، قانا؟!
اسمعينا واعذرينا،
كي نؤرّخ ما تيسّر من فصول
للمجازر قبل أن تفنى الجراح،
وقبل أن تمضي الحكايا بين هباّت الرياح.
***
صبرا اسمعينا
قبل أن نمضي حثيثا في اجترار الذّكريات،
مع الحكايات الحديثة،
من سيقرع ذلك الجرسَ
المسيَّج بالسّكون وبالنّواح؟!
من من يجيد ركوب هذي الصّافنات
من الجياد وفي ميادين الثّبات؟!
أو من يطير بها هناك؟!
صبرا نتوبْ، صبرا نتوب
صبرا نتوبُ استغفري لهم الإله
استغفري ولك الثّواب
سنعود نحرص أن نرتّب كلّ خطوات الدّروب، 
لنعود أمهر في الحساب،
سنعود نحرص أن نرتّب ما استجدّ من 
الخطايا والكلام على الدّوام،
ولسوف نمتصُّّ العذاب
صبرا، شاتلا، كفر قاسم، قبية
قانا اسمعونا
دير ياسين
اسمعينا
كي نؤرّخ للمجازر،
أو نرتّبَ ما تراكم من دماء،
هياّ نسجّل آخر الأسماء
وأول الأسماء
حتى نرتب دمع أعيننا إذا حمّ القضاء،
صبرايَ هيّا
الآن قومي
واندبي: عاش السلام،
ورددّي يحيا الخروجُ
استأسدي
تحيا عظامي يا عظام
هذي جدائلك الذبيحة
احزمي جثث الكرام،
والرّاقصين على جراحك
أنشدوا سِفْرَ الخروج
ومع تباشير الظلام
والوحش جُعْلٌ حام أقعى
حول جثتّك استقرّ كما ترين على العظام،
إنّه من نسل سام
كيف استطعنا نسج أكفان الصّواري
هل كان صعبا أن نرتّب أمرنا
قبل الخروج كما اليمام؟
حتى نسافر أو نعود كما يرام؟!
                                                                         أيلول 1983.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق