السبت، 24 مارس 2018

صُراخ القنوط..بقلم الشاعر المتألق مهدي علي رستم

....صُراخ القنوط....
........
في هدأة الليل ...
عندما أكمل الليلُ تنميق ثوب السماء بجواهر النجوم المتناثرة في بحر الكون الوسيع...
خُيل ليّ بأنني أحادث كل الخلائق الغارقة في سبات نومها الجامد.....
جلست أراقب اذيال الليل وهي تعانق نفسها لتفسح للصباح أن يختلج ويعاود من جديد..
تحدثتُ باسم ذلك الطفل في داخلي وقال...
لو كان ليّ أب...
لشددت ذراعي حول صدري وحضنت نفسي
ليسَ خوفًا ولا جزعًا بل إنها تقهقرات طفلٍ نما بداخلي منذ نعومة أظفاري. ...
مخاوف الفجوات التي عثرت عليها في بحر الحياة كانت مظلمة لدرجة أني حين أُلامسها تدخل بشعاعٍ غريب إلى داخلي
وتلك البؤرات العميقة التي توحي إليّ بأحلام ليست سِوى مستنقعٍ أنظر من قعره إلى نجمة تضيء في دجى الليالي .....
أوجاعي المرموقة بِنظرات الرَّب..
تقلبني في فراشٍ باردٍ لتجعل من شفاهي
وردتين تطبقان على اسمك...
أليس من حق العاشق أن يردد أسم المعشوق
كبرت يا أبي فوجدت أن الدنيا وأن ضاقت علينا ليس لنا مفر منها...
أعوام خلت مسرعة لتوقظني وتخبرني بأنني
 على قيد حياتك منذ ثمانية عشر عامًا....
فن الهروب الذي كنت أتقنه خذلني
وعقارب الساعة التي كنت أتحايل عليها
ماهيَّ إلا بصادقة...
ألقلبي أن يبقى حزيناً في الغياب..
أظلمٌ مافعلته الأيامُ بنا...
أم مشيئة المعبود شاءت على مشيئتك فَشِئنا لها جميعًا...
يا من نَثرتم بذوركم في أعماق قَلبي وَتَوغلتم في رياح السنين التي عَصفت بِوجداني...
عَرَّائِشُ قلبي عَطشى لكم أَلِقلبي أن يَرسُو بأحزانه وحيدًا في ملجأ الصدر بعيدًا عنكم..
يصطفيني الحزن كل ليلةٍ
ويرميني في غياهب شجوني..
أخبِرُ زنبقات الليل التي تَفوحُ منها ذِكراكم...
أنني أداعبها كل ليلة.. ولن أدعها تَغفو وتثمل..
رُبَما الأقدرُ تَجمعنا هنا...
سأحضن نفسي من جديد وأروي شفاهي على ذكراك من جديد...
مَا يثير جنوني هيَّ لهفة الادراك والتمعن
وتنقيح الذاكرة بِغرباء  كانوا في المنفى
 ولا زالوا بالمنفى...
تُرى الأعين إذ أفصحتَ غشاء الحزن عنها
ماذا ستقول...
هذا قلبُ شابٍ مفعم ساهرٌ أرهقه الترحال
عاشقٌ خانته الأقدار...
ألعيني أن تبقيا طليقتين في الكرى
حَريٌ بهما أن تتدليا
كالليلة القرمزية يضيع بهما الحب
ويتناثر في المقلتين ...
 النسمات الظليلة المحملة بأنين وصرير نارٍ
كانت تدفئ أضلعي ماهيّ إلا برُّ أمانٍ
التجئ اليه عند يغور زماني من فيه فخّارة
قديمة كنا نظمأ إليها.
أعلمُ أن أحلامي صُيرت خيالٌ....
وأنّ للخيال أن يعانق فجر أحلامي..
أُحَـبِذ لو أَنيَّ طَرفٌ ثان..
أَدْخُلُ بيني وَبين نفسيّ وأُحَكِمُ بَيْنَّهُما
لمّ الليل أذياله والتحف صمته وغاب بعيدًا...
 كنتُ تائهًا في مسارح الأفكار
وبعد هنيهة من سكينة مؤثرة
سمعت صوتا رقيقا تقاطعه زفرات انفاس ملتهبة تأملت ملّيًا رغم فجاعة الظلام في غرفتي أتت إليّ تنتحب وتلوم قائلةً....
 بروحٍ شفافة تتقاطر من ثناياها حباتٌ من قطر الندى....
حديث الروح سرى بيني وبينها
في احدى العزلات التي كنت التجئ إليها بعيدا عن صخب البشر ...
كنتُ منهكًا جل ما أذكره أن جفوني تحدثني إذهب بنا إلى احلامك..
تداركت حجم سعادتي فصحوت وأذ بعنكبوت على انفي إنها أمٌ ،.أنا أعرفها كنت أحدثها كل ليلة حدثتني عن فجاعة أبنائها وقالت لي
حملت بهم على ظهري فالتهموني وأنا على قيد حياتهم..وبدأت تنحب وأنا أسمعها
قالت لي ماذا لو اخبرت امك عن حديثنا أحقًا سألقى حتفي ونهايتي بعصاتها..
لا لا.. لن أُخبرها..
أنت تتحدث معي وسط لجيج أحزانك أَتسمعني كل ليلة..
ماذا لو خاننا الصدى وحمل في مصراعيه أحاديثنا..
وذهبت تعرج وتعرج الى مكانها..
 إن الوردة لها رائحة حبذا لو أفقنا بداخلنا الإحساس كلّ مرة..
والشجرة التي تعلو الهضاب لن تؤذيها لفحات الغير..
قامات الهمم التي تنسابها حباتٌ من عرقٍ
على جبينٍ تلألأ بالنور وسط قطبة حاجبينِ
ماهو إلا دُلالة على تموجات وتعرجات أبدية...
إن الروح البشرية ليست سوى خيال شفاف يرافقنا
فالروح روحٌ وأن تجسدت بنا
       فجميعنا من خلق الله....
ببوحٍ شفاف عانقتُ تفاصيل الأجزاء.....
وغمرتني سعادةٌ لا تُقال........
.......بقلمي..#مهدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق