الجمعة، 28 يونيو 2019

ابن القبلتين ... بقلم الشاعر محمد محجوبي

ابن القبيلتين  ..
...
القبيلة الأولى . يدرك من أنها نواة طين مبلل باركت عينيه الضيقتين بعدما كان الصباح المتأرجح يتصاعد بخاره من حمم الطين ومن زوايا تحصي أنات النساء حين يلدن على مواضع تعجن  مواجعهن وعلى خفقات الشجر الذي يضحك من وشم القريات على جباههن وأذرعن رسوم البوح المسروق   . وحتى تلك القابلة التي مسكت بطلعة رأسه المكور   شهقت من ذوبان ربيعي تكتوي به مقل المولود التي كادت تعلق في زهو دالية ممشوقة  تنتفض بصدرها عناقيد عنب يحرك الرغبة من رعشات  أوراق تتبرج في فتنة الربيع ليزدان فراش القبيلة نضارة الجبال وبكر الحقول وزغاريد السواقي .
القبيلة الثانية  . من عشبه المهزوز بشوك الأقدار . تلاحق غبار الترحال على برنوس الجد . في الجوار كانت غابة موحشة تبكي هوية مجنونة الرياح . كانت سيوف تتصلصل في أحراش موت وانتقام . قامات أشباح . مدن تصرخ بلهجاتها في وجه لهجات تتعذب من هيجان غزو كيماوي نسيه المؤرخون إثر الإجتثاث الأحمر . في ذروة الاحتدام التاريخي على إرث قبيلة النسيان . لا يزال  وجهه المحبوك من عبقرية قبلية يتماهى  خيوط رماد باعث لجذوات التشكيل . لا يزال قميصة يفوح بعرق الترحال . يتوجس غربة إثر غربة . قميص مرهون بين ثنايا جسد . وبين شهيق عشق . عند معشوقة ورد يتواصل بذبول على بخار السنين. 
هل هو دم القبائل يغلي في شيوع وهذيان . هل هي سكاكين مسافات تقطع أجزائها القارية لكي يبقى بصره شاخصا في جنون العالم من قرون قبيلة الدم تشرذم مواسمها وتغوص في متاهة ضياعها المبرح  .
هو يردد مع صباباته الكتومة ليته انبجس من مولده البدائي شمعة تراود أعاصير الليالي بمحض دموع حارقة للزمن . . لا يزال على بصيرة عشق يوسوس في وهم الجفاء . وينقش على سجل الصخور تحفه من دوائر الذهول . فيترك لكلتا القبيلتين نزوة فارس عضه ليل الحقول  .

محمد محجوبي
الجزائر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق