البعد الخطابي المرن في
شعر(وليد أبو الطير)قصيدة
(الموج يصغي للأمل )انموذجا
*******
بقلم أ/بندر علي مجمل
يعتبر اﻹنسان بحد ذاته كائن اجتماعي وسياسي يتاثر في المحيط، ويحمل في طياته عدة نواحي فسيلوجية تكون شخصية، وتعكس ميوله الوجداني والفكري، واتجاهاته الحياتية وكل هذه المتغيرات تشكل اسقاطات هامة في مناحيه الفكرية واﻻبداعية يستخدمها عبر قدراته التعبيرية .
ولشعر فراديسه وأحكامه التي تعكس ميول وتطلعات كاتبه، ﻻن النص وليد اللحظة او الحدث تعكس رؤى كاتبه الذي يصوب المراكز الفكرية في نظم النص .
نعم لقد عكس لنا نص (الموج يصغي للامل ) المسارات الفكرية للشاعر التي استحضر فيها همه اﻻزلي وصوب مقتنياته الابداعية بخيال المقاوم الذي كرس جهوده وغرائزه الفكرة صوب هدف رسمه في قصيدة .
واولى اتجاهاتنا صوب عنوان القصيدة وما يحمله من تأويﻻت دﻻلية ايحائية (الموج يصغي للامل) فالواجهة الدلالية مرنة تضج بعنفوان دﻻلي شديد مال صوب التريث والتهدئة واﻻصطبار بشي من التطلعات المستقبلية الذي تشبث بها (يصغي للامل) بنظرة تفاؤلية ذات حركة انزياحية ازاحة اختصاص (الموج) العنيف عن مساراته المرنه، بانعكاس البنية الدلالية العميقة، حيث أن لفظ (الموج) لفظ يوحي بالهيجان والعنف الجرار لما يقف أمام مساره الجارف الذي ﻻ يعرف التراجع على عكس لفظ (أمواج) التي قد توحي بالهدوء فيقال (أمواج هادئة) وﻻ يقال (موج هادىء).
وكما قلنا انزياح الموج عن كينونته العنيفة بفعل لفظ (يصغي) الدال على الرضوخ والانقاد واﻻطغاء لاوامر المسند اليه (للامل) عكست المسارات الحركية للموج بالتبعية للامل الحافل بالطمائينية واﻻبعاد المزدهرة بتوافق اسلوبي وتوطيف دﻻلي متوافق السكون مع الأبعاد اللغوية الدالة على السكون بمكونات الجملة اﻻسمية بسكونها ودﻻلتها على الثبات ، لخلق اجواء التريث والانصياع .
وننتقل الى اﻻجواء النصية الحافلة بالبداية الخطابية الفورية دون وضع المقدمات بل بداء القصيدة باعﻻن فوري بانطﻻقة نصية ﻻ مجال فيها للتريث والانتظاربصيغة المباشرة لغرض التصويب المباشر الى العمق النصي لغرض التشويق وجذب المتلقي مباشرا الى اﻻجواء الحدثية (واشتد سهمي كي يرد الباب /في وجه الطغاة) وهذا الخطاب يضع المخاطب امام حتمية الخبر الحدثي دون التدرج التمهيدي للحديث بل اقدم بالمباغتة والمباشرة شديدة اللهجة بخطاب شعري نضالي مرن يتناسق تناسق جذري مع الغرض الذي كتب من اجله والموضح منذ الولة اﻻولى من القصيدة بتقنيات بﻻغية قوامها (الكناية )(و اشتد سهمي كي يرد الباب في وجه الطغاة) كناية عن المقاومة وصد الطغاة بمنطلق يعكس اهتمام اﻻنا الساردة باعﻻن مباشر ذات صلة وظيفية بالبنى الداخلية واﻻرتباط البنيوي الذي يبرز من خﻻل عنصر المكان وعنصر الزمان ، بحيث يخضع النص بكامل التفاصيل الى اسلوب المباغتة العتابية بتقيات الحوار الخارجي (ديالوج) بتقنيات لغوية حادة النظم تجعل من كينونتها التفاعلية تصب صوب المتلقي وكانه المعني بالخطاب ليبادر الى الذهن معرفه المقصود (يرد الباب-الحياة تبعثرت خلف الصدى-شهد الغروب على فناء الشمس- فاستاء ليلي- استفاق الصبح- مر اللقاء غدا- وعد الرحيل بتقصي يلغي المراكز الحكائية في النص وتدميرها لصالح اﻻنساق الشعرية بمخاطبة شعرية ذاتية ممزوجة مع المخاطبة الخارجية لتترك اثر راسخ في ذهنية المتلقي بحركة الانطباع الذاتي للهم الجماعي بانطباعات محورية لاسقاطات الذات المتكلمة (اشتد سهمي- تبعني الشتات- فارتاب ظني ...) بارتباط بنيوي بين الذات الساردة والمحيط الاجتماعي من حولها بطريقة حوارية اكثر فعالية ونشاط لغوي واسلوبي يعمق الطرح التقني للاسلوب الاستفهام (ماذا رايت بحلمك المخطوف )وفي نفس الوقت توحي بحركة الزمن للازمان المتعاقبة بنوع من السخرية والاستهانة بالحدث بمحاولة الخروج والتنقل بين ازمان مختلفة بغية ايجاد زمن اكثر اشراق من الزمن المعتم المعاش (تبعني الشتات- شهد الغروب- فاستاء ليلي -حين استفاق الصبح- من طول انتظار ).
ويتسم الخطاب الشعري في سيرورة القصيدة بعنفوان اللهجة الثورية الخطابية القائمة على اللوم والعتاب والتانيب واﻻستهتار بالوقائع الحدثية بقصد التوجية واعادة ترتيب الافعال نحو ردة فعل قوية مطلوبة من (المخاطب) المعني بالخطاب الشعري .
والمﻻحظ اقتران النص في صورة جبارة بالانتاجين السياسي النضالي و الاجتماعي في اطار المكون المحيطي للذات المتكلمة بحثا عن خروج بصورة مرجوا واخراجها من الحلم الى حيز الوجود (ماذا رايت بحلمك المخطوف) فالبؤرة السردية تعكس اندامج زمني للحقبة الليلية المظلمة المرفوضة من قبل الانا الساردة والبعيدة جذريا عن تطلعاتها الحالمة (فاستاء ليلي- حين استفاق الصبح ) بتقارب زمني متضاد عكس ذلك استخدام التنائيات الضدية في البورة الزمنية (ليلي#الصبح) بمرونة لغويةتوحي بالصرامة والحسم رغم التطورات المخيبة للامال وتطلعات الانا دﻻلة على التراكمات الذهنية التي تعايشها الانا المتكلمة واهتمامها وارتباطها بمن حولة بدﻻلة اسلوب اﻻستفهام (ماذا رايت بحلمك المخطوب ) المرتبط حدثينا بالنتائج المستقبلية المرجوا تحقيقها باسلوب اكثر صرامة ولوم (كل الذين توافدوا- خاضوا المعارك في سبات ) فالروية الحالمة للغد المشرق جأت مخيبة لتطلعات العصرية لخروج الحدث المفتول بالشحة الى واقع التحقيق الذي جاء مقيد بالزمن الشحيح نفسه الزمن المعتم بدﻻلة (سبات) .
فقد عمل الشاعﻻ من خﻻل التنوع الاسلوبي في الكينونة النصية لخلق اجواء متفاوتة التغيرات بتنوع التضاريس الفنية لغرض التفاعل المرن مع الحدث النصي . وقد استخدم الشاعر لفظا (توافدوا -وخاضوا ) بصيغة الفعل الماضي باسناد (واو الجماعة ) اليه دﻻلة على الكثرة التي تعكس لنا براعة الانتقاء اللفظي في البنية التركيبية بحضور الفعل الحدثي بتطور المواقع الانتاجية من المعلوم الى غرض أخر بفعل الانزياح الدﻻلي لواقع الفعل والزمن (خاضوا المعارك في السبات ) وكان زمن الواقعة مغاير للواقع المعهود (في السبات) دﻻلة على الانتقاد واﻻستحالة التحقيقية للفعل .
وبين (كي يرد الباب /في وجه الطغاة ) و (خاضوا المعارك في السبات ) تبادل حدثي لفعلين متناقضين يظهران خمول البؤرة الثائرة التى اصطدمت بمسارات غير مرجوة بدﻻلة (مر اللقاء غدا عليلا كالرفاة) بتصوير تقريبي قائم على صورة بﻻغية بيانية قوامها التشبية تطهر التوقع لزمن اخر (مر اللقاء غدا ) بصورة تجسد الرؤية المغايرة للاحداث السابقة ولكن بنفس المستوى الانكساري المتوقع بايحاءت المدلول اللغوي للتركيبات السردية (لثم الضباب صبابتي -فارتاب ظني في كؤوس المغريات ) دﻻلة على انحراف المسار النضالي المتعارك علية في السياق السابق بدﻻلة (فارتاب) الذي يوحي بفقدان اﻻمل المرتقب للسيرورة الحدثية من خﻻل التنقل الحثيث بين ازمنة متقلبة اﻻحداث بصور تركيبية لمجريات احداث واقع معاش اكثر بؤس بصور تقريبية لتراسلات مجازية مستوحاه من الترتيبات البنوية (وعد الرحيل على دروب الظل في نجوى الدليل- ﻻ تأتلف سحر السراب ) بحاولة تجسيد الانكسارات وبثها بروح الانتقاد والرفض عبر التﻻقي النصي لتراكيب البينية باتجاة حركات جديدة سرعان ما تصطدم بالزمن المعتم والنتائج السلبية (ذاك السراب تؤنس الظمان وهما كي / يعيد النور- في رحاب المستحيل) بصورة كفاحية تمد الزمن المعتم بامل اﻻنتعاش الفينيقي الرافض للترميد، تخلق تنوع نصاريسي للنص في محاولة للاخراج الاناء من انا مقموعة الى اجواء تدور أحداثها في بيئة حالمة تستمد القوة من حولها بحركة تمجيدية تبث روح النضال بمحيط من حولها بتصوير لواقع مؤلم بصورة فاضحة لواقع امة موقفها هزيل امام وجه الطغاة بمعايشة لانكسارات متتالية بوصف لغوي تراسلي (ايان تغدو مثلما- الحزن يمﻻ قلبه المسجون) بتعزير الانين بقوة تنظر الى المستقبل المرجو (والدرب كالغصن انثنى ) استمد مقدوراتها الزمنية بترسيم التشبية الذي يجعل من الصورة اكثر قرب لذهنية المتلقي ببيان مباغت لعمق الحسي للشعور اﻻنساني ذات اﻻثر البليغ في نفسية المخاطب (والشك جمر مستعر- برحلة اﻻيام في درب المحال ) باستمرارية للسياق العتابي والانكسار الطاغي على الاجواء النصية باتجاهات متغايرت التوقعات تتجه حتما نحو الترميد بدﻻلة لفظ (درب المحال) ليجعل المخاطب يشعر بالعمق الاثري للخطاب الشعري بطرق الالحاح والرفض برغبة اﻻنا المتنهية لبث روح الامل المتجدد ورفض الترميد (لعلها الاقدار- تخبؤ مثل اجراس المساء ) بعزف تراجيدي ممزوج بالهم القومي المتاصل في ذاكرة الانا المتكلمة
رغم هيمنت الزمن المعتم على الجو العام للقصيدة لتطل الصورة مستعصية في مجريات الزمن المعتم على اﻻعﻻن التنويهي (أجراس المساء ) ببماء لغوي يجسد المفهوم التى رسمت من اجله القصيدة.
أ/بندر علي مجمل- اليمن