الثلاثاء، 5 نوفمبر 2024

اليوم عادت إلي حلب .... بقلم الشاعر عبد الحكيم فارح

 اليوم عادت إلي حلب

بعد سفر مضن

و بعد تعب

رحلت حلب 

بدون زاد 

بدون أمل في ميعاد

سألت عنها إبراهيم

فقال لست أدري 

ودعتها في الشهباء

مكتوفة اليدين

سألت عنها المتنبي 

فقال متأسفا

 ألقوها في الجحيم

فقلت أأسلم أمري 

بعدما أدمى قلبي

أبدا لن أستسلم

سألت عنها آخرون

فقالوا ربما أصابها الجنون

حلب سافرت بدون وجهة

و لا تركت عنوان

و لا دلت على مكان

حلب ما تركت أثرا

أو توقيعا للأصابع

أو همسا في الصوامع

 أو لمسا بالبنان 

سافرت بحنا عنها في الصحراء

قطعت الفيافي و المساحات

و نقبت عنها في الساحات 

سألت عنها السحر

فأجابني عنها القمر

فقال لا أثر


اختفت على وقع حبات المطر 

سألت عنها

أوراق الشجر 

فقالت كما قال القمر

لا أثر 

أين اختفت حلب

قالوا بنت لها حديقة 

غناء في السماء 

و قالوا نزلت إلى الأرض

و بنت لها قصورا

و دمرت كل الجسور

قالوا أغتيلت في لبنان

كما أغتيلت بلقيس

في سفارة سكنها إبليس 

ماتت حلب 

بدون حنية أو حنان

قالوا رأوها في شارع الحمراء 

جثة هامدة

سالت دماؤها حمراء فسمي باسمها شارع الحمراء

قالوا رأوها تسبح في دجلة 

و قالوا رأوها تغرق في الفرات

و قالوا صعدت روحها إلى السموات 

فنزلت مطرا 

ونبتت عشبا و ورودا

و يا للعجب 

عادت حلب

بعد أن تحررت 

 من الضنى

و من السنين و التعب 

سافرت حلب 

منذ كان عمرها ثماني عشر 

هاربة من أذى صعلوك

من صعاليك البشر

عادت حلب 

من وجع و من تعب

عادت حلب

مدهامة العينين 

ذهبية مفرق الشعر

مضيئة الملامح و الجبين

ساءلت نفسي

أو عادت حلب ؟؟؟!!!

يا للعجب 

أعادت حلب ؟؟؟!!!

بعد حزن و كرب

ساءلتها أين كنت حلب ؟؟؟!!!

فقالت بالجوار 

أرعى حديقتك 

و أحرس الأسوار 

أرتشف الندى

و من ورقة الورد وسادة

تارة أختبئ في وريقات ورودك

و أنعم برقي ودك

و أستنشق عطر روحك

وأتظاهر بالضجر

و تارة أختبئ بعينيك 

حتى لا يؤذيني البشر

ثم قالت أنا مثلك

أعشق الورود

 و أمرح على جنبات السدود 

أنا مثلك أهوى بلدتي الطيبة

بلا حد أو حدود

أنا مثلك هنا

كل العصافير تعرفني

و كل الورود 

ثم تنهدت و زفرت

فخفت من سفرها 

و الترحال مرة أخرى و من الهجر

فخبأتها في عيناي 

و أطبقت عليها الرموش و غطيتها بالجفون 

و أغلقت عيناي ثانية

و نمت و لن أستيقظ أبدا من حلمي 

 و أنتشي بعطر حلب

في خيالاتي و نومي

بقلم

الأستاذ عبد الحكيم فارح 

ليلة الثلاثاء

10.30

2024

الصورة تعود للسنة الأولى الجامعي

جامعة قسنطينة

معهد الأدب و الثقافة العربية سنة 1980

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق