الخميس، 30 أغسطس 2018

مناجاه من الموت ... الشاعر امين خديدا سيفو ...

مناجاة من الموت

اربعُ سنوات يسكن الموت
 على حافة خيمتي و
 دموع "كوجو" تبلل شنكالتي
ابصق بوجه الظلام لاطرد الضياع
اربعُ سنوات امشي حافياً بين
 الاشواك ِ
و الاشواق تدغدغني ،
تعصرني ! ، تشردني و
ترميني بين شوارع البلاد ،
 فيجبرني الوقت
 ان اسكن في وطن خيموي ،
سنوات عديدة و انا ارتب
جدائل الموت على اكتاف
امي الحزينة و ذراع والدي
 المفقود يلف حول مقبرة
 تضمُّ عظام حبيبتي المختطفة
اربعة سنوات و الوجع
 يلعب بملامحي البريئة
و كأن عمري اربعة و سبعون خيبة ،
صوت صديقي القديم ،
و ذكريات قريتي
، و بكاء امي ،
و طفولتي المهمشة ،
 و شعوب مشردة كلهم
 يركضون في رأسي
 لمحاولة نجاة من حضن المجزرة ،
وجهي مقبرة ترفرف
 فوقها رايات الدول
حيث الالوان تخدعني كما الامس ُ ،
نصفي هنا يتسكع عاريا ً
و نصف اخر مدفون في
 شنكال في اول تجمع
للدخول الى المدينة المهدمة
اربعُ سنوات و الموت
 يرقص عارياً خلف خيمتنا
و جارتي العجوزة تمشط
 حزنها المبعثر ، اهرب من النهار
و كان الليل ذئب
 يختبئ خلف مقبرة
كل الروائح تشبه
دخان سيجارتي ،
و الارواح اصبحت
رماد في ذاكرة الزمن
......اربعُ سنوات
و اخيط هذه الثقوب
و ظلي يتبع شخص اخر
اقنعوني هولاءالطغاة
ان بعد الأفراح تأتي المأساة
 في كوخ تسكنها امرأة
 عجوزة و خلفها رجل يعصر
 فؤاده بيده ، أطفالا
يرسمون صور آبائهم
المفقودين في الحرب ، يا ليتني
اكون روضة لاجمع بقايا الصغار
 مخطوفة في زنزانة ترسل
 صورها مع حمامة السلام
 فتقتلها سيوف ورصاصاتٌ مُنزّلة

تحت عنوان : شنكال امي
سلاما على جسد لم يدفن بعد
سلاما على جبلٍ وقف بوجه الاعاصير فصمد

هنا بين هذه الأزقة
 المحملة
بذكريات الأمس..
 أنامل الجيران
كالمناجل
تحصد سنابل الشمس
من هذه الارض المقدسة
 ، رؤوس بلا أجساد
أجساد بلا أرواح
و أرواح تسقط كالقذائف
 بعمق المقبرة ، خيوط الصباح
 متعبة جداً كحزن امي ،
و أختي في الزنزانة تناديني
اخي ....اخي ! و اخاها
زائر مقبرة مهدومة
يا للهول!!
شنكال تصرخ
ومختطفتان تبكيانِ
يارب ارزقنا بسجن ٍ واحد ٍ
موت واحدٍ ،
او حرية طاهرة
....
او رسالةٍ لحبيب منفيٍّ
باقلام مستبدة تفضُّ
بكارة الورق
.....
تعبوني ، اغتصبوني ،
 قتلوني و قتلوا كلكم فيني ،
كل ليلةٍ
يتركني اميراً عاريةً فاغطي جسدي
 بآيات الوهم ،
و اني امرأة
 مسكينة لا تعرف اللعب
 تكبرت في هذه الضيقة ،
 باعوا طفولتي ، حرموني منكم
فها أنا اكتب لك وجع
اربع سنوات شنكال
وردة ماتت في صيف حارق
و سجنت و ما عرفوا أنها بذرة
تنمو و تترك جذورها في الأرض

و تصل أغصانها إلى السماء
 و تخضر و تزهر و تتعطر
 تعود ايام عمره الطفولية
بعد كل إبادة و كأنها لم تسقط
و لن تسقط شنكال جرح
داواها التميمي
ولادتنا هنا بين أشجار التين
و موتنا هنا ، فليكن حزننا ايضا هنا
  دعنا نحضن شنكالنا
نضع رأسها على اكتافنا
نبكي لبرهة وقت و نبتسم
 معها من اعماقنا
شنكالنا امتنا و إله فوقنا .

أمين خديدا سيفو.
العراق /٢/٨/٢٠١٨ .
فيشخابور .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق