السبت، 2 ديسمبر 2017

غزال تاه في عشية الغاب// الشاعر محمّد سعيد أحمد المقدم

غزال تاه في عشية الغابِ،
فمال من خوف إلى أعتابي .

فقلت : لما دنا من حضرتي
من أين جئت يا غض الإهاب ؟

فقال تغريه حسن طلتي أنا من
قرية حلم فوق السحاب .

فتبسمت وقلت أتهزأ بي ؟
قال معاذ الله هو صدق جوابي .

من بلدة علوية المغاني ،
و كل الكواكب في حال انجذاب .

فقلت : إقترب يأويك بيتي ،
شهي طعامي لذيذ شرابي .

فقال : الجوع أهون عندي ،
لك لمعة أومضت، على الناب .

قلت : إطمئن ولاتخف فإني ،
أبدا لا أخون عهود الصحاب .

الضيف سعادتي ، و سؤل روحي،
العابرون أهلي وأحبابي .

فهلم أزرعك بين وسائدي ،
وردة ألبسك من رقيق ثيابي .

وأفرغك في حمام عطري ،
فجميل الحكايا في كتابي .

وأعطيك  الهدايا أنجم سعد ،
هي في درجي في جرابي .

نغم حلوى أغنيات الليالي ،
بحلاها كم  سلبت صوابي .

فقال الغر وقد أقنعته ، بتغزلي
وأغراه مني لطف ترحابي..

هي ليلة واحدة ثم أمضي ،
فغدا إلى أهلي يكون إيابي .

فقلت وقد دنا أوان صيدي
وسح من فرحتي سم لعابي .

قد أكرمتني لما رضيت بي،
ورفعت للأكرمين الغر انتسابي .

فهم بالذخول إلى مضجعي ،
فكاد يفضحني فرح الذئاب..

فتردد قبل الدخول لحظة ،
فخفت علي من غضبة الحطاب،

أن يستل الفأس بلا رحمة ،
ويقوض مكري جامح التغابي .

ويحط قدري فيكشف سغبي ،
ويحقر بؤسي به واغترابي .

أنا المحروم طول عمري زادي ،
مايفضل من جيفة الدواب .

جليس الضباع أنا ورفقتي ،
وسخي بين جيوش الذباب .

والآن هذا نصيبي تبسم لي
كالجبن في شدقي غراب .

فقلت له : إما أن تصدقني ،
فإني وفي الطباع مثل الكلاب .

وإما أن تغادرني وتصطلي ،
قر الليل وتنسى بين الشعاب .

فقال : ماعندي دونك حيلة ،
وتخطى راضيا دفة الباب .

فقال لما رأى فراغ بيتي ،
وقلبي وتفاهة الكاذب الكذاب

عليك اللعنة قد غررت بي ،
بمعسول الإغواء و الترحاب .

فقلت وقد أوصدت بابي..
ونشوة في دمي كالخمر المذاب

في عروقي في فؤادي ،
رغبة كالجمر في دموعي و أعصابي .

في روحي شهوة جد حمقاء ،
فيك ياكأسا طاب  انسكابي .

فإما أن تلين وتكون لي ،
كزهر الربيع في حضن الروابي .

وإلا افترستك من لهفتي ،
فلذة اللحم في وحشي اغتصابي .

فكم توسلني وكم وكم ،
صد مخالبي عند دنوي واقترابي .

فلم أدعه حتى ارتويت من
جيده البض الطري المتصابي .

فأن قليلا تحت ثقل ضراوتي ،
ثم نام وديعا بين أنيابي .

فباح بأنفاس من شهد روحه ،
وأذعن حلوا لصوت الغياب .

أنا المجنون بالفتك ما أجملني ،
وكل دماء الغزلان أنخابي .

كازانوفا طفل عند مأدبتي ،
وسالومي كم قبلت ترابي .

فكل نبيل يبتغي قطع رأسي ،
ليقال همام جليل الثواب .

لكنني أنا الغول أبذل شكلي
معجز وجهي معشر الطلاب.

أنا المقيم في كل نفس ،
الغامض ، السحري الضبابي .

منذ القديم إخترت خرافتي ،
وظَلَّلَ الوَهْمُ نِسْبِيَّ انتسابي .

ولازال في الغابات مد تربصي ،
للغافلين أجريت أسبابي .

وكم لاقيت في الغاب زهادا ،
فرجعت أجري على أعقابي .

فليس على الصالحين لي سلطة ،
الجهل معبدي ومحرابي .

⚓🚩✏محمد سعيد المقدم المجاهد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق