الاثنين، 6 يونيو 2016

يسمونه وطن المهند

يُسَمّونَهُ الوَطَن
وَيُمارِسونَ بِإسمِهِ الفواحِش
ماظَهَرَ مِنها وَما بَطَن
وَيَكتُبونَ بإسمِهِ العَناوينَ وَ الهَوامِش
وَقصائِدُ الحَنينِ وَالشّجَن
وَيَخلَعونَ عليهِ في كُلِّ يَومٍ رِداء
وَ يُمَزِّقونَ رِداءَهُ في السِرِّ  وَ العَلَن

يُسَمّونَهُ الوَطَن
وَهوَ فيما نَهوى مِنَ الأهواء
وَفيما نَستَنشِقُ مِن هَواء
وَفيما نَرضَعُ مِنَ اللّبَن
فيهِ خطونا أولى خَطَواتِنا
وَفيهِ تَعلّمنا الإنسانيّة
وعلى أسوارِهِ وَأدنا الزّمن

يُسَمّونَهُ الوَطَن
وَلَكم أنا حَزينٌ على هذا الوَطَن
الذي لم يَعُد يُشبِهُ الوَطَن
ولم تَعُد سماؤُهُ سماء
ولا قاطِنوهُ أبناء
وفي كُلِّ زواياهُ علاماتُ الفَناء
وَمازِلنا رُغمَ الأسىَ فيهِ
يَطيبُ لنا السكَن

يُسَمّونَهُ الوَطَن
وَكَم أنا مَقهورٌ على هذا الوَطن
الذي يلقى جزاءَهُ
بِأن يَجمَعَ أجزاءَهُ
التي مَزَّقَتها المَصالِحُ
ولوَّثَتها الفِتَن

يُسَمّونَهُ الوَطَن
وَقَد باتَ يَتشابَهُ فيه
صَيفُهُ وَشِتاؤُه
وَصباحُهُ وَمَساؤُه
وَماؤُهُ وَ دِماؤُهُ
وَرِجالُهُ وَنِساؤُهُ
وَكُلُّ شَريفٍ فيهِ باتَ يُعاني
مِن شِدّةِ الوَهن

يُسَمّونَهُ الوَطَن
وما أدراكَ ما الوَطَن
ذاكَ الذي باعَهُ أبناءَهُ
وغادَرَهُ شبابُهُ
وطَعَنَهُ أصدِقاءَهُ
وَسَرَقَتهُ ذِئابُهُ
وباتَ كُلُّ مَن شَرِبَ مِن ماءِهِ
يبحَثُ وَيُفَتّشُ عن سِواهُ
فمَن يُعيدُ لِلوَطن
كرامَةً باعوها بِسوقِ النخاسَةِ بِلا ثمن

يُسَمّونَهُ الوطَن
وكَم أنا مفجوعٌ على هذا الذي كانَ يُسمّى الوَطن
وَصارَ مع الوقتِ أُفُقاً مِنَ الإِسمنتِ وَ الإِسفَلتِ
وَ الكثيرِ مِنَ الحواجِزِ وَ الدُّشَم
وَكانَت تُعقَدُ فيهِ مُصالحاتُ الدولِ
وباتَ يتَصَدّرُ عناوينَ القِمَم
وَكانَت تُزيّنُ شوارِعُهُ مظاهِرُ الحياة
وَباتَ في تصنيفِ المَوتِ في رأسِ الهرم
كانَ شبابُهُ يحلُمُ فيهِ بالإنتِماء
وباتَ جُلُّهُم يحلُمُ بِالبقاء
في خِصامِ الروحِ وَ البَدَن

يُسَمّونَهُ زوراً بِالوَطَن
وَِ الوطنُ بريئٌ مِن إنتِماءُهُم لِرَحِمِ الوَطن

فليسقُطُ الذينَ سَمَّوهُ وَطَن
وَليعيشُ الوَطن

... المُهَنّد ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق