السبت، 23 نوفمبر 2024

يومية رجل بائس .... بقلم الشاعر اسماعيل آلمير حسين

 يوميّة رجل بائس


أنا الغريبُ في حيثي،

جغرافيتي نافذةٌ تطلُّ على المنفى،

وأنا أقيمُ في خريطةٍ لا تليقُ بي،

ولا أحملُها في جيبي.

صوتُ فرانك سيناترا يتسلّلُ من السماء،

كأنّه رسالةُ اعتذارٍ من زمنٍ قديم،

زمنٍ كان للكلماتِ فيه وزنٌ،

وللموسيقى وطن.


أنا الغريبُ في عاداتِهم،

قهوةُ الصباحِ مِلحُ يومي،

وكتبُ المكتبةِ طقوسُ عبادتي،

أعيشُ في مجتمعٍ يُطفئُ المصابيحَ

ليضيءَ مَواقدَ الضجيج.

هُم يرقصون على موسيقى

لا أفهمها،

وأنا أكتبُ على نوتةِ الغياب.


لا أعملُ،

ليس لأنّني أتكاسل،

ولكن لأنّ العملَ في هذا العالمِ

لا يشبهُ القصيدة.

أنا أعملُ في الكتابةِ فقط،

أُراكمُ الحروفَ كأنّها نُدوب،

وأُرتّبُها كأنّها صلاةُ العابرين.


يا سيناترا،

أنت تعرفُ لماذا نُغنّي،

وأنا أعرفُ لماذا أكتب:

لأنّ هذا العالمَ صغيرٌ جداً

على حزنٍ بهذا الاتساع،

وكبيرٌ جداً

على قلبٍ بهذا الوهن.


أتجوّلُ بين الكتبِ كعاشقٍ

لم يلتقِ بحبيبته بعد،

أقرأُ أورويل وأتذكّرُ جورج وسوف،

أستمعُ إلى بيتهوفن

بينما يمزّقون صمتَ الحقول.


أنا الغريبُ في كلِّ شيء،

لا أندمُ على اختلافٍ ورثتُه من شمسٍ بعيدة،

ولا أطلبُ سوى أن أبقى،

هنا،

حيثُ الكتابةُ طريقٌ

والموسيقى نافذةٌ

والقهوةُ سرُّ الحياة.


2024/11/23


اسماعيل آلمير حسين ✍️

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق