السبت، 6 أغسطس 2022

سميح القاسم فى القرن العشرين...على البدر

سميح القاسم
في القرنِ العشرين
أنا قبلَ قرونْ
لم أتعوّدْ أن أكرَه
لكنّي مُكره
أن أُشرِعَ رمحًا لا يَعيَى
في وجهِ التّنين
أن أشهرَ سيفًا من نار
أشهرهُ في وجه البعلِ المأفون
أن أصبح إيليّا في القرن العشرين
أنا، قبل قرون
لم أتعوّد أن أُلحد!
لكنّي أجلدْ
آلهةً، كانت في قلبي
آلهةً باعت شعبي
في القرن العشرين!
أنا قبلَ قرونْ
لم أطرد من بابي زائِر
وفتحتُ عيوني ذات صباح
فإذا غلاّتي مَسروقه
ورفيقةُ عمري مشنوقه
وإذا في ظهرِ صغيري، حقلُ جِراح
وعرفتُ ضيوفي الغدَّارينْ
فزرعوا ببابي ألغامًا وخناجر
وحلفت بآثار السكّينْ
لن يدخلَمنهم نصك ان رغبت بيتي منهم زائر
في القرن العشرين !
أنا قبل قرون
ما كنت سوى شاعر
في حلقات الصوفيّينْ
لكني بركان ثائر
في القرن العشرين
"وَعْدُ الحَقِّ"
مَولودَةٌ غيرُ شَرعيَّة
لكنَّ خَتْمَ مَنْ باعَ القضِيَّة
وشُهودَ الغَدْرِ ومَنْ بارَكوا الوِلادَةِ القيصَريَّة
ورَفَعوا أَعلامَ الأَمان
وهلَّلوا للقادمينَ المُشَرَّدينَ الرُّعْيان
أَلدارُ يكتَنِفُها السَّلام، وباسمِ السَّلامِ قَتلوا الأَمان
وكُسِرت أَبوابُ البيوتِ
ومَرَّتْ الأَعوامُ وباتَتْ أَبواقُ الطُغيان
تَنفَخُ في اللَّيلِ والنهارِ، لِيُرَفْرِفَ عَلَمَ صُهيون
والناسُ بالعَراءِ مُشرَّدون
للأرضِ يَتَوَسَّدون وبالسَّماءِ يلتَحِفون
وَهَبَّ المَحرومونَ بينَ شَابٍ وشيْخٍ وطفلٍ وامرأة
لنْ يَمُرَّ الغزاةُ.. لنْ يَمُرّوا وَأَصبحَ الحُكامُ في مِأزِق
في ليلِهِم ونِهارِهِم يَصارِعونَ القلَق
وصاحَ بعضُهُم إلى القتالِ ألى الجهادِ الى الشَّهادة
وَهَبَّتْ الجُموع ُتُحيّي السلطانَ
ودارَ الزمانُ وانكشفَ الغِطاء
أَسلحةٌ فاسدةٌ وخِيانةٌ رائدةٌ وشهيدٌ تحتَ الرِّمالِ مَدْفون
ودارَ الزمانُ.. حَفلاتُ رَقصٍ وغناءٍ وشربِ خَمر
وطائراتٌ تحتَ السَّماءِ مَكشوفة
وَبِغدرٍ أَسودَ لِحِقدٍ دَفين...
دَمَّرَت غَربانُ بَنو قُرَيضَةٍ
حدودَ الأَمانِ وباتَ الدجّالونَ في إعلامِهم يَصرَخون
نحنُ منتصِرون.. إليكِ يافِلَسطينُ راجِعون
وانكشفتْ الحقيقةُ. نَحنُ للحُربِ خاسرون
وضاعَت القدسُ وسَيناءَ والجَّولان
لكنَّ الأيّامَ والتأريخَ والأديانَ
تُبشِّرُ بِراياتٍ يَحملُها النَّقيُّ والتَقيُّ ومَن بالعدالةِ مَفتون
وَعدُ الحَقِّ لابُدَّ أَن يَسودَ وإلى ارضِنا الحبيبةِ نَعود..
نُضمِّدُ جراحَ خَناجِرٍ غُرِسًت بالصُّدور
وأُخرى بِحقدٍ وغَدرٍ مَزَّقتْ الظُّهور
نَمسَحُ الدُّموعَ ونَنثُرُ الورودَ
على تُرابِ كلِّ شَهيدِ سَعيدِ مَغدور
علي البدر / العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق