الأربعاء، 29 سبتمبر 2021

القبر المفتوح...إدريس الصغير

القبر المفتوح

رسمت على كفي قاربا، صنعت له من رمشك المجرم  شراعا، أردتُ أن أُبحر  
من خلاله، إلى عينيك
حرقت كل قصيدةٍ، تذكر الأنثى
وتركت فقط، خمسة حروف، من ديواني..
ألف ، حاءٌ ،  باءٌ ،  باءٌ ، تاءٌ ،كافٌ 
أخذت من قاطرة، الشّعر زنبقة 
رصصتها  في أحلامي 
صنعت من بتلاتها بُردةً لشتائي
رقصتُ تحت سماءها كطفية.. ثلج
أخذت من الدّنيا كأسا ليس
 فيه غير المآسي... 
انتشيت من جراحي .. 
لذة الآه
ومن كثرت الآلام, لم أعد أشعر باهتزازي
 على معزوفة الرّحيل
رَحَلَتْ قبل أن تودعني 
تَركَتْ حياتي حبلة بالهموم كانت حبلة بعشقي
رَحَلَتْ، ولم تودعني
رَحَلَتْ ولم تترك، غير قبلة واحدة على جبيني
لم أعد أهتم بحالي
نسيت أنني أنا.... أنا، وأنا 
نسيت حالي... 
سافرت، وتركت قبرا بين ضلوعي 
كان القطار الأسود جاهزا، لينقلها إلى منفاها
ولينقلني ...  أنا إلى مصيري
يا أيّتها الشّمس، في شتائي
يا أيّتها النّخلة، في صحرائي
يا أيّتها السّمراء، في ألواني
لم أعد أهتم، كالسّابق بهندامي 
كنتِ دائما، تهتمين أنت بأشيائي
لم أعد ملكا مثل ما كنت، لقد انكسر إيواني
حلمنا بأرضٍ، تجمعنا سوياً
فصرتي أنت، في بطنها وردةً  
وصار قلبي، أنا مظلمًا لا يبالي
حلمنا مثل ما يحلم، كلّ الأطفال أن نشتري 
حلة العيد
فجاء العيد 
وجاءت الأعيادُ 
ولم تأتي
أنتِ..
حلمنا كثيرا، ولم يتحقق غير حلمٍ واحد 
أنك تركبينَ الشّمس، وأبق  أنا أعاني  وحدي 
حلمنا أن نرقص، تحت زخات المطر
مثل ما كنا نرقص، في الماضي 
على معزوفة، موزارت وفاردي
فرقص المطر وحده..
يوم كان، وداعُك وداعي
ياأيّتها التي كانت، صبيةً صغيرةً في أحشائي
تلعب إذا جاء المساء
 بين حقول صدري ... 
وتقفز  مثل اليمامة بين سنابل عمري
هاأنا أبحث عن وجهك في كل مكان 
مثل ما بحث قيس إبن الملوح 
عن وجه حبيبته في كل وادٍ
فكل الأحبة عادوا إلى أوكارهم 
غير أنت لم تعودي
يا أيّتها التي ألبستني من الورد حلةً 
واختارت أن تموت على دفتر أشعاري..
إني لا أودع رحيلك وأنت مازلتي 
في القلب تنامين  كنجمٍ قطبي 
وليس تحت الثرى حينما قررتي 
أن تسكني  ...
كما سكن كل العاشقين 
لا أودعك فليس هناك موت يأخذك ويأخذني
وإنما هو فراق كي يختبر القلب
إن ما زالت دقاته تذكرك أنْ تذكريني
مع آخر بسمة غابت قبل أن تغيبي
وتغيب شّمسٌ كانت تشرق إذا أنت أقبلتي
كعصفور سكن حياتي 
هل فات من العمر كي أنساك 
فالعمر قطرة من السّماء.. في بحر الأرض
نسيت الأرض محيطات، وليس قطرة
لكن أنا ما نسيتك يوما، ولن أنساك
وداعا بكل اللغات
بلغة من لم يعرف العشق وداعا
بلغة الصمت، والعيون وداعا
بلغة الصوفيين، وعشق التجلي وداعا
وداعا بلغة الموت.. القاهر وداعا
وداعا بلغة الوداع.. المؤلم وداعا 

             إدريس الصغير الجزائر
                جانفي 2018 م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق