مقطع من رواية أبواق إسرافيل .
الجزء الخامس والستون
زلزال الأرض العظيم...
اعتصموا بالخيم والمنازل الخشبية و ..
اخرجوا جميعًا الى الصحاري واحملوا ما تستطيعون من غذاء وماء وإسعافات أوليّة ، وكذلك مكيفاتنا الصغيرة التي تعمل بالطاقة الشمسيّة لتساعدكم على تلطيف الجو ، فقد تصل حرارة الشمس نتيجة لنشاط محتمل للرياح الشمسية إلى 70 درجة مئويّة في الأماكن الحارة من الأرض ، رحمكم الله وسلّمكم من كلّ سوء.
وبمجرد أن انتهت ناسا من إلقاء البيان إلّا وقد أصاب العالم الهلع والخوف .
وصف حالة الناس بعد البيان..
كان أكثر الناس ذعرًا أولئك الذين يعيشون في المناطق الحارة ، لأنّ موتهم محتمل ليس بسبب الزلزال فحسب ولكن بسبب ارتفاع درجة الحرارة .
خرج الناس من كلّ فجّ مذعورين ، صراخ بألفاظ شتى ..الرحيل ، الصحراء ، القبور ، الحفر ، الموت ، الله ، الربّ ، القمر ، المصاعد الفضائيّة .
خرجوا من منازلهم وتدافعوا تِباعًا للحاق بالمصاعد الكهربائيّة في المنازل ، ومن لم يدركها ترجّل درج السلم ونتيجة هذا التدافع سقط بعضهم منه وتدحرج حتى أدرك البسطة ، وتحطمتْ بعض أجزاء جسده ومع ذلك تحامل على نفسه وأكمل المشوار حتى أنّ بعضهم قد كُسرت ساقه فاضطر المشي قفزًا .
وقد استحوذ كبار السن على أكثر المصاعد فهبطوا محملين ، حتى إذا انتهوا خرجوا من بوابات المنازل زاحفين على بطونهم حتى يلوذون بمكان خالٍ من المباني وأعمدة الكهرباء .
السيارات بالملايين تجوب شوارع العالم وتتدافع خلف بعضها وتتخبّط نتيجة التزاحم والتدافع ، تسير لتلوذ بأيّ مكان خالٍ من المباني وأعمدة الكهرباء .
خرج المرضى من المستشفيات مهرولين إلى الشوارع ، تاركين وراءهم أدويتهم وأسرّتهم ومعالجيهم .
خرجوا من دور العبادة إلى الشارع بينما بعضهم مَن مكث مستعصمًا بقرءانه وبعض آخر بالإنجيل ، وبدأ يردّد الكثير من حاخامات اليهود وأحبارهم بوقوع غضب الربّ لتخلّي العالم عن اليهود ، وأن الربّ غاضبٌ من خلْقه بسبب عقوقهم لهم ، لكنّ تنويهاتهم لم تجد القبول لدى الناس .
إنّه يوم الحشر ، يوم ترك الناس فيه ما كانوا يُقبلون عليه ويهرعون إليه من أموال ونساء وسيادة إلى حيث الخواء والخراب الذي كانوا يهربون منه ، وجدوا الخراب في العمران والعمران في الخراب وزال عنهم طغيان المفاهيم الوحشيّة وتبدّلت فاستقام الميزان القسطاس .
بينما مكبرات الصوت في كلّ أنحاء العالم تناشد الشعوب بالهدوء كلٌّ حسب لغته ..
بينما تطلق الحكومات وفرق الإغاثة أبواقها المكبّرة للصوت بتوخي الحذر وتحدّد لهم الجهات التي يجب أن يسيروا فيها ، وغدا المرور يُوجّه الناس إلى الأماكن الخاليّة ، وغدت الإشارة الخضراء هي التوجّه إلى الصحراء ، وأصبح مهرب الأمس نجاة اليوم .
ومن بين تحذيرات الحكومات عدم المكوث بجانب الجبال ، لأنّ بعضها قد يسقط بسبب الرعشة .
كانت الحكومات تُحذّر أكثر ما تحذّر عدم الهروب إلى بعض أماكن خواء نشطة بالبراكين ، معلّلة ذلك أنّ الزلازل يصاحبها حركة نشطة للافا البراكين ، كذلك المناطق المعرّضة لحدوث التسونامي نتيجة الزلزال..وقد ذكروها وبالأخصّ تشيلي وهاواي واليابان والفلبين .
وكانت أكثر المدن ازدحامًا على مستوى العالم تلك المدن التي فيها المصاعد الفضائيّة ، تدافع أغنياء العالم إليها وكان أكثرهم من اليهود آنذاك يلقون أموالهم كلّها إلى دول هذه المصاعد كي يتسلّقوه راغبين بملاذ وهو استيطان القمر حتى تمرّ هذه الأزمة بسلام .
وتأهّبتْ الحكومات لإطلاق شبكات لتلطيف الأجواء التي تعمل بالشوارع والأزقّة حال وقوع الزلازل ، تستمدّ طاقاتها من خلال بطاريّات كهربائيّة أرضيّة فما هناك متسع من الوقت لحضور بطاريّات القمر .
ومن كثرة اتصالات الناس بأهليهم وذويهم وقعت الشبكات كلها لأنّها ما عادتْ تتسع لكلّ هذا الكم من المكالمات فألقوا أكثرهم الهواتف في الأرض إذ اصبحت حِملاً زائدًا على اللائذين .
لحظة وقوع الزلزال والأضرار البشريّة والماديّة...
كلّ اعتصم بما رآه آمنًا ، والآن في انتظار القدر .
وبدأ العد التنازلي وها هي الأرض تُقدُم كارهة مرغمة لتتحمل ضربات على أمِّ رأسها .
المذنبات تقترب أكثر وأكثر ، وبدأ العدّ التنازليّ لوقوعها في أُفق الحدث .
في لحظات العد التنازليّ دارتْ أعينهم خشّعًا خشية الموت ، خشعت الأنفس ذلّاً ، وخُفضت الرؤوس التي كانت مشرئبة بالأمس .
10 ،9 ،8 ، ..... 1.. تناولَ الثقبُ المذنبات وتصاعدت أبخرة رهيبة من الثقب ، وتعملقَ فشدّت جاذبيته الأرضَ وهي تدور، جذبها وهي تحاول الإفلات منه لاستكمال مسارها فحدثت رعشة ثمّ تتابعتْ الرعشات ، وقد يقتطع جزءًا منها ولكن بُعدها عنه كان سببًا في بقاء جسدها سالمًا .
بدأت الجبالُ تضطرب وتحطّمَ بعضها ، انطلقتِ الهزّات لتسجّل بمقياس ريختر 9.8999درجة .
اشتدتِ الرياح الشمسيّة تقريبًا ونشطتْ بسبب الرعشة وارتفعتْ درجة حرارة الأرض تبعًا لذلك .
انكفأتْ المباني الخرسانيّة ، وسقطت الأشجار ، وكذلك الكثير من المنازل هويتْ متهدّمة .
ووقعتْ الجدرانُ على معتصمي دور العبادة ، وتشقّقتْ الأرض تحت أقدام بعض الناس فابتلعتهم .
وأسرعتْ وحوش تسوماني الإعصارية نتيجة الزلازل لتغرق وتدمّر ، ثمّ خرجتْ إلى الصحاري والخواء لتُجهز على اللائذين بها .
ولقد كان أغلب المتضرّرين من التسونامي هي اليابان ، إذ غرق بسببه عدد مقارب تمامًا لِما أحدثته قنابل الثقوب السوداء في الأساطيل الثلاثة الأمريكية وقتل الأسطول الرابع على أراضيهم ، ولقد قال أحد القساوسة في هذا الشأن ..النفس بالنفس .
ملحوظة...
للأسف الحدث طويل جدا وله بقية
بقلمي / ابراهيم امين مؤمن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق