الثلاثاء، 22 أغسطس 2017

الكاتب والصحفي علاء الغريب ... عصفور الموت ...

{ عصفور الموت }

يا أيها العصفور المقهور
لا تقل إنك أخرس أو أطرش
إني أعلم إن لعبة الموت
جعلت فكرك
 تائهًا
     مشتتًا
           مشوشًا
               متلشلشا
وأصبحتَ ضمن سحابات الموت تطوف
كشارب الخمر المنتعش
.......... 2
تحور ... وتدور
 تبحث عن زهرة طفولتك اليانعة الضائعة
المنبثقة من بين أضلع التشرُّد
وشواهد وجوه القبور المتجعدة
وصمت أطلال جسور وطن المحبة
المهدمة المعدمة
وبين أزقة أحلامك الفخارية المتبشبشة
..........3
يا أيها العصفور المغدور
من صائدي طيور الحياة المنتشية
إقطع الدروب والوهاد
وادخل نفق السهاد
لاحق أنفاسك الهاربة اللاهثة
من عمرك المنحور
لعلَّك تحظى بزهرتك اليانعة البائسة
بين شواهد القبور المزركشة
فإن رأيتها
        قل لها...... أن تُسلِّمَ
فهناك أجساد تغفو متألمة
أخذتها غدراً ذات مساء
أيادي الموت المتوحشة
أنظر حولك ..... وتحمَّد
أو صلِّب
واطلب للمخلِّص المجد للأبد
فهناك قبر أحمدَ
وذاكَ قبر عليَّ
وَذَا عِيسَى ويوسفَ
وبجانبهما شاهد معروفَ
وهناك قبور نساء
لـ فاطمةَ وزينبَ وسارةَ ومريمَ
وبعض القبور لا تحمل أسماء
سكن شواهدها الهشيم
............4
أني أعلم إن صور الموت
سرقت من فمك حبال الصوت
المهزوزة المرتعدة المنكمشة
وأضاعت بين ركامها وركامك ... حلمك المعرَّش
أني أعلم
أنك كفرت بشموع أعيادگ
وبعصائر احتفالات ميلادك المُنعشة
وبقالب حلواك المزركش
ومن صرختك الآولى
المتهالكة
       المتئكة
على ضرع المحبة
                 الباكي
                   الجاهش
..........5
أني أعلم يا عصفور المحرقة
إن القهر وشم
على جسدك العاري المُرتق
ألف صورة وصورة انهزام
وزرع السقام داخل الحشا
وأصبحتَ تسبح في مدارك دون انعدام
ولم تعد طير الشمس االمشرق
المغرد على وجه بتلات
قطن أرض الكنانة الأبيض
وتبني عِشاشك بين المأذن والصلبان
لم تعد تثمل من كؤوس عسل اليمن
وتعزف داخل بهو مملكته الألحان
لتفيض من ثغره شهد الأشواق
........6
يا أيها العصفور المشتاق
لم تعد تلاحق ( جوبيات )
صيادو سمك الرافدين وتُطرب إهتزازًا
على عزف مراكبها
وتغازل قصب ( الأهواز )
وتختبأ بين ظلال مساحبها
وترقص طروباً على أفنان نخيل بغداد
في عرس العراق
........... 7
يا عصفور دمشق
لم تعد تُواعد ياسمينة عشقك
بين أنفاس الأزقة
وترمي لها من فوق المآذن
أوراق الرياحين
كلما القلب دقَّ
فياسمنتك قد اقُتلعت
وبني مكانها خندقا
وناعورة حماكَ
حلَّ على أنفسها التعب
وقلبها من الحسرة تعرَّق
لم تعد تغسل ظفائرها
بمياه الذهب عند سجودها
ولم تعد تسمع قدودها
مع رقصها الصوفي المتعبد
اختبأت داخل كوب
ترتشف دمعها المسكوب
تنتظر زائريها
 بشوقٍ عند كل غروب
...........8
إني أعلم أيها العصفور الضائع
إن عقلك يرفض أن يكون طفلاً
في هذا الواقع
              الناقع
                  الأسود
                     المتجمِّد
فكل ما في وطنك
أصبح في عينك
سحابة موت ملبَّدة
يسكنها الجنون
في عالم ملعون ..... ملعون .... ملعون
مجنون متوحِّش
تحكمه خفافيش ( داعش )
وسلَّة من الشياطين المرعبة
أُصيبت عيونها بالرمد
ولم تعد ترى وجه الله الواحد الأحد
فنكَّست جبهة المشيب
وتسللت من وراء مناديل المغيب
وقطفت عذرية بتلة الورد
وخطفت حلم الولد
9........
لكن لك أقول
يا أيها العصفور المرتعد
من بين الصخور
     ينابيع الأمل سوف تفور
ويولد من رحمها زنابق الوعد ... لتغرِّد

علاء الغريب / كاتب صحفي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق